تعقيب على فتوى رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين حول الشهادة والشهداء

 


المكتب العلمي لفضيلة المفكر الإسلامي علي بن نايف الشحود رئيس هيئة علماء حمص وعضو المجلس الإسلامي السوري 



بسم الله الرحمن الرحيم

فتوى حول استعمال لفظ الشهيد ،والدعاء بالرحمة لغير المسلمين

بقلم أ. د علي القره داغي

الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين 

ثارت أسئلة كثيرة حول إطلاق اسم "الشهادة" أو " الشهيد " على من قتل ظلماً لكنه غير مسلم، وبخاصة بعد قتل الإعلامية المتميزة #شيرين_أبوعاقلة.


الجواب : 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه وبعد ..

 فهذه المسألة ثار فيها جدل كبير بين المسلمين ودعاتهم، فمنهم من تشدد، ومنهم من تساهل، والسبب أنهم لم يحرروا مصطلح الشهادة، أو الشهيد في اللغة ،والقرآن الكريم، والسنة الصحيحة، حيث إن هذا المصطلح له معان كثيرة في اللغة ،والقرآن ،والسنة، وكذلك لم ينظروا بدقة في فقه الميزان لهذا الموضوع:

ففقه الميزان هنا هو أن ميزان التعامل مع غير المسلمين الذين هم مواطنون ومشاركون معنا في قضيتنا ،بل يحاربون معنا ضد المحتلين هو ميزان البر والقسط بنص القرآن الكريم، وهذا البر لا ينقطع بالموت ،فليس من البر أن نسيئ إلى الميت غير المسلم الذي شارك معنا في حربنا ضد المحتلين، أو نهمله بمجرد الموت ، ( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان) ثم إن الإحسان إلى أهله من المواطنين غير المسلمين المشاركين معنا أن نبر بهم،ومن برهم عزاؤهم، وذكر ميتهم بالخير الدنيوي،وكلامنا وفق الميزان لا يتعلق بكون الشخص من أهل الجنة، اومن أهل النار ،فهذان معروفان حسب ميزانيهما،وإنما نتحدث عن ميزان التعامل في الدنيا. 

هذا من جانب ، ومن جانب مصطلح الشهيد أو الشهادة فإنهما مشتقان من لفظ " شهد " بمعنى حضر وأخبر ،يقال : شهد على كذا شهادة: أخبر به، وشهد لفلان على فلان أي أدى ما عنده من الشهادة، وشهد بالله : بمعنى حلف، وأقر بما علم، وشهد رمضان أي حضره، وشاهده أي عاينه، وتشهد أي قرأ التشهد، واستشهد أي طلب منه الشهادة، والشهادة: الإخبار بما علم، والشهيد: من يؤدي الشهادة، وهكذا (1)

(1) القاموس المحيط، ولسان العرب، والمعجم الوسيط ( شهد ) 

فبناء على ذلك فإن لفظ " شهد " ومشتقاته في أصل اللغة ليس خاصاً بالشهيد المقتول في سبيل الله، بل إن لفظ " شهيد" نفسه يطلق على الشاهد ، والمقتول في اللغة، وكذلك في القرآن فقال تعالى { وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ } سورة البقرة : 282

 حينما نبحث عن لفظ "شهيد" ومشتقاته في القرآن الكريم لا تجد فيه إطلاقه على من يقتل في سبيل الله تعالى، بل يطلق على معانيه اللغوية الخالصة التي ذكرناها آنفاً، وإنما القرآن الكريم يستعمل القتل في سبيل الله، فقال تعالى : { وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ } سورة البقرة : 154

وقال تعالى : {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } آل عمران : 169

فلم يستعمل القرآن لفظ يستشهد بمعنى يقتل في سبيل الله، ولا لفظ " الشهيد" بالمعنى الاصطلاحي اليوم.

 ورود الشهيد بمعناه الشرعي في السنة:

 وإنما ورد إطلاق لفظ "الشهيد" ونحوه فيمن يقتل في سبيل الله، في الأحاديث النبوية الشريفة، ولكنها لم تحصر أيضاً إطلاق الشهيد على هذا المعنى، بل ورد فيها إطلاقه على المعاني اللغوية الأخرى، كما بينت مواصفات الشهيد في سبيل الله، فقد، فقد روى مسلم في صحيحه(1915)عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما تعدون الشهيد فيكم؟ قالوا: يا رسول الله، من قتل في سبيل الله فهو شهيد. قال : إن شهداء أمتي إذاً لقليل" قالوا : فمن هم يا رسول الله؟ قال : " من قتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في الطاعون فهو شهيد......"

بل إن الإمام السيوطي جمع أنواع الشهادة في كتابه : أبواب السعادة في أسباب الشهادة فبلغت 57 سبباً، ثبت منها 49 حديثاً وسبباً(1) 

وبناء على ما سبق فإن المحققين من العلماء – مثل الإمام النووي- قسموا الشهداء إلى ثلاثة أقسام : شهيد في الدنيا والآخرة، وهو المقتول في حرب الكفار، وهو يقاتل في سبيل الله تعالى فقط ،وشهيد في الآخرة دون أحكام الدنيا، وهم هؤلاء المذكورون في الأحاديث السابقة – وشهيد في الدنيا دون الآخرة، وهو من غل (أي سرق) أو قتل فارا ومدبرا.

فإطلاق العلماء لفظ الشهيد على من غل وسرق وأدبر دليل على جواز إطلاقه على شهداء الدنيا مثل شهيد الوطن ،وشهيد القضية، أو الكلمة.

(1) كتاب أبواب السعادة في أسباب الشهادة للسيوطي، تحقيق نجم عبد الرحمن خلف، ط 1401 .

وبناء 

 فلفظ الشهيد في السنة النبوية الشريفة يشمل، من يقتل في سبيل الله في ساحات الدفاع عن دين الله، وعن وطنه، وعن عرضه وماله ونفسه، كما ورد ذلك أيضاً في الحديث الصحيح .

الفتوى :

وبناء على ما سبق ذكره، وغيره فالذي يظهر لي هو ما يأتي :

أولاً : أن لفظ ( الشهيد ) أو ( الشهادة ) لفظ استعمل في اللغة والقرآن الكريم والسنة المشرفة في معان كثيرة يجمعها : ( الإخبار والحضور وإدلاء الشهادة ) ولم يستعمل بمعنى (القتل ) في القرآن الكريم، وإنما استعمل في السنة بمعنى واسع يشمل المقتول في سبيل الله، أو في الدفاع عن نفسه وعرضه، والميت ببعض الأمراض والأوبئة – كما سبق - ويشمل غيره .

ثانياً : أن الفقهاء المحققين – كما سبق - قسموا الشهداء إلى ثلاثة أنواع منهم شهداء الدنيا. 

ثالثاً : أن لفظ الشهيد أو الشهادة ليس مصطلحاً عقدياً، وإنما هو مصطلح لغوي، يجوز استعماله حسب استعمالاته اللغوية والعرف ، بل نحن جميعاً نقرأ في القرآن الكريم استعمال لفظ ( شهيد ) في سورة البقرة بمعنى الشاهد على الحق ، ونقرأ أن الله شهيد وأنه سبحانه وتعالى يأتي بشهيد – أي شاهد – من كل أمة .

وحتى السنة المشرفة لم تخصص (( الشهيد )) بمن يقتل في سبيل الله فقط، وإنما ذكر هذا المعنى مع بقية المعاني .

رابعاً : وبناءً على ذلك فإن استعمال لفظ ( الشهيد ) أو ( الشهادة ) - في اعرافنا- لمن قتل في سبيل وطنه او الحق أو الكلمة من غير المسلمين ، أو لمن يقتل من المسلمين في غير سبيل الله صحيح وجائز ما دام أريد به أنه شهيد في الدنيا، ولم يرد به أنه شهيد في سبيل الله، أو أنه من أهل الجنة، أو أنه قتل في سبيل الله، لأن ذلك من الغيب الذي لا يعلم به إلا الله تعالى ،ومن أخبره الله تعالى من الرسل والأنبياء، فقد كان أحد الصحابة يقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حرب واضحة الراية والهدف، ومع ذلك شهد الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه في النار، فقد روى مسلم في صحيحه (114) والترمذي (1574) وابن حبان في صحيحه (4857) وأحمد (11011)، بسندهم عن عمر بن الخطاب قال : لما كان يوم خيبر أقبل نفر من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : (( فلان شهيد )) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( كلا إني رأيته في النار في بردة غلَّها، أو عباءة ))

لذلك عندما يقتل شخص دفاعاً عن وطنه أو كرامته أو نفسه فهو شهيد لهذا الغرض، فلو أطلق عليه شخص لفظ ( الشهيد ) بهذا الاعتبار لما خالف العقيدة ولا الكتاب ولا السنة ، لأن الظاهر لا يقصد به أنه شهيد يدخل الجنة ، أو في سبيل الله ، لأن ذلك من علم الغيب ، وعندئذ يجب أن يحمل كلام المؤمن على المحمل الصحيح المناسب مع عقيدته وواقعه، هذا هو منهج السلف الصالح، في حمل ما يصدر عن المسلم على المحمل الصحيح الحسن، حتى فيمن يظهر منه الكفر ،فما ظنكم بالعالم، أو عامة المسلمين. 

أما إطلاق هذا اللفظ (الشهيد ) على غير المسلم فليس فيه أية دلالة على أنه يراد به ( في سبيل الله وأنه يدخل الجنة ) فالكلمة – كما قلنا سابقاً – ليست كلمة عقدية، ولا مصطلحاً خاصاً له هذا المعنى فقط، بل هي شاملة – كما سبق – لذلك فلا مانع – حسب الأدلة الشرعية من إطلاق لفظ (الشهيد) على من قتل في سبيل قضيته العادلة ( كالقدس ) أو وطنه بحق، وعندئذ يراد به شهيد الوطن، أو شهيد القضية ،أو شهيد الدفاع عن العرض والشرف ونحوهما، ولا يراد منه أنه شهيد يدخل الجنة، أو أنه في سبيل الله لأن ذلك لا يعلمه إلا الله تعالى .

ولكن الأفضل في هذه الحالة أن يقال ((شهيد الوطن )) و((شهيد القضية )) أو نحو ذلك .

وبإيجاز شديد فإن إطلاق لفظ (الشهيد ) أو ( الشهادة ) في حالة كون السبب مشروعاً على غير المسلمين جائز وصحيح، لأن الظاهر أنه يراد به شهيد الوطن أو القضية، أو شهيد الدفاع عن النفس، ولا يراد به أنه شهيد يدخل الجنة وفي سبيل الله ، لأن علم ذلك عند الله.

ولذلك لا يجوز أن يقال لغير من يقاتل في سبيل الله أنه شهيد في سبيل الله، وأنه من شهداء الجنة، لذلك فالأفضل تقييد اللفظ بما يضاف إليه – كما سبق – 

خامساً: أن استعمال لفظ الرحمة لغير المسلمين يحتاج فيه أيضا إلي النظر في معنى الرحمة، أي تحرير اللفظ، وعندئذ يأتي الحكم.

فالرحمة في اللغة هي العطف والخير والنعمة، فهي تشمل الرحمة في الدنيا والآخرة .

وفي القرآن نجد أن الرحمة ومشتقاتها وردت فيها مئات المرات، وأن هذه الرحمة شاملة في الدنيا للمسلم والكافر، وبخاصة من مات مؤمناً، وأنها شاملة لغير المؤمنين في بعض الأمور، فمثلاً إن دعاء سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم بالشفاعة العظمى يوم القيامة، واستجابة الله له يشملان جميع الناس في المحشر، وهذا محل اتفاق بين العلماء وأن هذا بلا شك جزء من الرحمة الإلهية .

13

كما أن جماعة من الفقهاء منهم الإمام الحافظ الفقيه البيهقي يرون أن الأعمال الخيرة للكافر تنفعه في تخفيف عذابه، وليس في مغفرته، ويدل على ذلك دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم لتخفيف العذاب عن أبي طالب، حيث روى البخاري ومسلم وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( هو - أي أبو طالب - في ضخضاخ من النار ،ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار )) رواه البخاري رقم (3883 ) مسلم (357)

وقال أهل التفسير من المحققين في تفسير قوله تعالى:((وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا)) الأنعام 132 إنه شامل للمسلمين وغيرهم، فلا التابع كالمتبوع ولا الرئيس كالمرؤوس، كذلك لا يمكن أن يساوي بين المجرم المشرك المحارب الذي آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه ،اوالمؤمنين بغيره ، فهذا من عدل الله تعالى .

والخلاصة : إن بعض العلماء فرقوا بين الدعاء بالمغفرة للكافر، وبين الدعاء بالرحمة، فاتفقوا على منع الأول، واختلفوا في الثاني، فأجاز بعضهم ذلك وبينوا بأن آية (( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ )) سورة النساء آ 48 تدل على التفرقة بين الشرك وغيره،وذكروا أنها أخص من دعوى مطلق الدعاء للكافر، وأن الذي لا يجوز هو الدعاء بالمغفرة على جريمة الشرك والكفر، وأما ماعدا ذلك فآخر الآية قد تدل على إمكانيته إن شاء الله تعالى. 

والخلاصة أن الدعاء بالرحمة العامة التي وسعت كل شيء لا تدخل ضمن الدعاء المنهي عنه في نصوص كثيرة .

والآية السابقة تضع لنا موازين دقيقة وهي: 

1- ميزان الشرك الذي يقوم على عدم مغفرته.

2- ميزان العدل الذي يقوم على أن الله تعالى يجازي كل إنسان

 (( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ )) سورة الزلزلة 7-8

سادساً: أما عزاء غير المسلمين والمشاركة في الدفن ونحوه فجائز من حيث المبدأ إذا لم تصحبه مخالفات شرعية. 

سابعاً: ضرورة رعاية ميزان المصالح العامة والمقاصد المعتبرة التي تقتضي عدم إثارة ما يجرح المشاعر، ويؤذي وحدة المقدسيين من المسلمين والمسيحيين. 

فمع الأسف الشديد أثار البعض قضية مقتل شهيدة الوطن والكلمة الحق بما يضر ولا ينفع، وبما يمزق الشمل ولا يجمع، وبما يبرد تحمس من معنا وعواطفهم ولا يشجع،ليس هذا من الثوابت، فلننظر إلى القائد الرباني صلاح الدين الأيوبي رفض إطلاق لفظ الصليبيين على الحملات الأوروبية مع أن أصحابها سموا بها فقال :هي حملات ليست لأجل الصليب والمسيح ، وإنما هي لأجل الهيمنة فسماها حملات الفرنجة،وهكذا تبعه المؤرخون القدامى. 


فنحن اليوم معركتنا مع المحتل الغاصب الذي لا يرحم ، وهي معركة شاملة حول قضية عادلة ومتنوعة، وهي القضية الأولى للمسلمين جميعاً وكذلك للفلسطينيين والعرب مسلمين ومسيحيين ،بل هي قضيه تشمل البشر لأنها قضية عادلة ،وتشمل جميع المنظمات الدولية ،لأنها قضية احتلال، ويجب علينا جميعاً حشد جميع هذه الطاقات دون التفريط بأي جزء منها.

وفهمي لقوله تعالى: (فإذا جاء وعد الآخرة ليسئوا وجوهكم...) سورة الإسراء الآية ٥ أنه يتحدث عن أحد الشروط الأساسية للنصر على هؤلاء المحتلين الصhاينة، وهو ضرورة القيام بمعركة إعلامية كبرى لبيان جرائمهم حتى يسود وجوههم أمام العالم، لتسقط حججهم الباطلة، وتنكشف جرائمهم ،وعندئذ يتساقط جدرانهم الزائف فيقف العالم معنا،وندخل المسجد( كما دخلوه أول مرة وليتبروا ماعلوا تتبيرا) صدق الله العظيم. 

هذا والله الموفق

_____________________________________________

تعقيب على كلامه بقلم الباحث والمفكر علي بن نايف الشحود : 

1= بما أن لفظ الشهادة مصطلح إسلامي بحت فيما يتعلق بالموت فلا يجوز خلطه بالمصطلحات الأخرى التي ليس فيها مدح للميت لأنه سوف يكون موهما وهذا لا يجوز أصلاً.

2= أي عمل خير يقوم به المرء في الدنيا لا يؤجر عليه يوم القيامة إلا إذا كان مؤمنا بالله واليوم والآخر وقصد بهذا العمل وجه الله تعالى لقوله تعالى :{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا } [الكهف: 110]

وعَنْ ثَوْبَانَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أَنَّهُ قَالَ: «لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا»، قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ، قَالَ: «أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا» المعجم الأوسط (5/ 46) (4632) ومسند الروياني (1/ 425)) (651) وسنن ابن ماجه (2/ 1418) (4245) صحيح

[ش - (من جلدتكم) أي من جنسكم. (ويأخذون من الليل كما تأخذون) أي يأخذون من عبادة الليل نصيبا.]

فهذه الأعمال التي يظن الكفرة أنها نافعتهم في يوم الدين لا وزن لها ولا قيمة لها في ذلك اليوم لأنها قامت على غير أساس، قال تعالى : (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [آل عمران: 85] . والأساس هو الإسلام، فما لم يكن المرء مسلماً موحداً فعمله مردود، وسعيه موزور غير مشكور،فعَنْ عَائِشَةَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، ابْنُ جُدْعَانَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَصِلُ الرَّحِمَ، وَيُطْعِمُ الْمِسْكِينَ، فَهَلْ ذَاكَ نَافِعُهُ؟ قَالَ:"لَا يَنْفَعُهُ، إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا: رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ " اختصار صحيح مسلم مع المتفق عليه (ص: 90)(214)92 - بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مِنْ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ لَا يَنْفَعُهُ عَمَلٌ والقيامة الكبرى (ص: 128)

 قال البيهقي :"وَهَذَا لَا يَنْفِي تَحْقِيقَ أَبِي طَالِبٍ بِأَنَّهُ يَنْفَعُهُ مَا صَنَعَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّخْفِيفِ عَنْهُ مِنْ عَذَابِهِ. وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ مَا وَرَدَ مِنَ الْآيَاتِ وَالْأَخْبَارِ فِي بُطْلَانِ خَيْرَاتِ الْكَافِرِ إِذَا مَاتَ عَلَى كُفْرِهِ، وَرَدَ فِي أَنَّهُ لَا يَكُونُ لَهَا مَوْقِعُ التَّخْلِيصِ مِنَ النَّارِ وَإِدخالِ الْجَنَّةِ، لَكِنْ يُخَفَّفُ عَنْهُ مِنْ عَذَابِهِ الَّذِي يَسْتَوْجِبُهُ عَلَى جِنَايَاتٍ ارْتَكَبَهَا سِوَى الْكُفْرِ بِمَا فَعَلَ مِنَ الْخَيْرَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. البعث والنشور للبيهقي (ص: 62)

 قلت: أبو طالب جاء النص به وقد كان يدافع عن الرسول صلى الله عليه وسلم طيلة حياته، ولن يخرج من النار ، ولا يجوز القياس في هذه المسألة التعبدية أصلاً ، لأنها غيب أصلاً .

 كما أن من يعمل عملاً ظاهره الخير ولا يقصد به وجه الله لا يثاب عليه يوم القيامة وإنما الثواب والذكر الحسن في الدنيا وليس في الآخرة،فكلام الإمام البيهقي رحمه الله مناقض للنصوص الشرعية وحديث مسلم نص في محل النزاع .

[فالْقُرْآن وَالسُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ، قَدْ دَلَّا عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ إِنْ عَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا مُطَابِقًا لِلشَّرْعِ، مُخْلِصًا فِيهِ لِلَّهِ، كَالْكَافِرِ الَّذِي يَبَرُّ وَالِدَيْهِ، وَيَصِلُ الرَّحِمَ وَيَقْرِي الضَّيْفَ، وَيُنَفِّسُ عَنِ الْمَكْرُوبِ، وَيُعِينُ الْمَظْلُومَ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ يُثَابُ بِعَمَلِهِ فِي دَارِ الدُّنْيَا خَاصَّةً بِالرِّزْقِ وَالْعَافِيَةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلَا نَصِيبَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ، فَمِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [هود: 15، 16] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} [الشورى: 20]

 وَقَدْ قَيَّدَ تَعَالَى هَذَا الثَّوَابَ الدُّنْيَوِيَّ الْمَذْكُورَ فِي الْآيَاتِ بِمَشِيئَتِهِ وَإِرَادَتِهِ، فِي قَوْله تَعَالَى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا} [الإسراء: 18] .

وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مُؤْمِنًا حَسَنَةً يُعْطَى بِهَا فِي الدُّنْيَا وَيُجْزَى بِهَا فِي الْآخِرَةَ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُطْعَمُ بِحَسَنَاتِهِ مَا عَمِلَ بِهَا لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا حَتَّى إِذَا أَفْضَى إِلَى الْآخِرَةِ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ يُجْزَى بِهَا» أخرجه مُسلم (4/2162) (56 - 2808) .)  

وَفِي لَفْظٍ لَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْكَافِرَ إِذَا عَمِلَ حَسَنَةً أُطْعِمُ بِهَا طُعْمَةً فِي الدُّنْيَا، وَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَإِنَّ اللَّهَ يَدَّخِرُ لَهُ حَسَنَاتِهِ فِي الْآخِرَةِ وَيُعْقِبُهُ رِزْقًا فِي الدُّنْيَا عَلَى طَاعَتِهِ» ( مسلم رقم (57 - 2808) ) اهـ.

فَهَذَا الْحَدِيثُ الثَّابِتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ التَّصْرِيحُ، بِأَنَّ الْكَافِرَ يُجَازَى بِحَسَنَاتِهِ فِي الدُّنْيَا فَقَطْ، وَأَنَّ الْمُؤْمِنُ يُجَازَى بِحَسَنَاتِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مَعًا، وَبِمُقْتَضَى ذَلِكَ يَتَعَيَّنُ تَعْيِينًا لَا مَحِيصَ عَنْهُ، أَنَّ الَّذِي أَذْهَبَ طَيِّبَاتِهِ فِي الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعَ بِهَا هُوَ الْكَافِرُ، لِأَنَّهُ لَا يُجْزَى بِحَسَنَاتِهِ إِلَّا فِي الدُّنْيَا خَاصَّة] .الجموع البهية للعقيدة السلفية (1/ 75)

 والشرك الأكبر مخرج عن الملة, وصاحبه حلال الدم والمال، وفي الآخرة خالد مخلد في النار، قال تعالى: {فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ }[التوبة: 5].

وقال تعالى: {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء }[النساء: 48].

وقال تعالى: {إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ }[المائدة: 72].

كما أن هذا الشرك يحبط العمل، قال تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }[الأنعام: 88]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ }[الزمر: 65].

وصاحب هذا الشرك لا يرث ولا يورث، بل ماله لبيت المال، ولا يصلى عليه, ولا يدفن في مقابر المسلمين، وذلك أن المشرك قد ارتكب أعظم جريمة، وأفظع ظلم، قال تعالى: {وَمَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا }[النساء: 48].

وقد جاء في حديث عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَلِمَةً وَقُلْتُ أُخْرَى، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ مَاتَ وَهْوَ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ نِدًّا دَخَلَ النَّارَ» وَقُلْتُ أَنَا: مَنْ مَاتَ وَهْوَ لاَ يَدْعُو لِلَّهِ نِدًّا دَخَلَ الجَنَّةَ " صحيح البخاري (6/ 23) (4497)

 وفي رواية عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَلِمَةً وَقُلْتُ أُخْرَى: «مَنْ مَاتَ يَجْعَلُ لِلَّهِ نِدًّا أُدْخِلَ النَّارَ» وَقُلْتُ أُخْرَى: «مَنْ مَاتَ لاَ يَجْعَلُ لِلَّهِ نِدًّا أُدْخِلَ الجَنَّةَ» صحيح البخاري (8/ 139) (6683)

وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ لَقِيَ اللهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَقِيَهُ يُشْرِكُ بِهِ دَخَلَ النَّارَ» صحيح مسلم (1/ 94) 152 - (93)

 وعَنْ عَبْدِ اللهِ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ»،وَقُلْتُ أَنَا: «وَمَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ» إرشاد الحيران فيما اتفق عليه الشيخان مع الشرح (ص: 143) 61. (92) أخرجه البخاري في: 23 كتاب الجنائز: 1 باب في الجنائز ومن كان آخر كلامه لا إله إلا الله

 وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لِأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي، وَاسْتَأْذَنْتُهُ أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي»صحيح مسلم (2/ 671)105 - (976)

وعَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي كَانَ يَصِلُ الرَّحِمَ، وَكَانَ وَكَانَ، فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ «فِي النَّارِ» قَالَ: فَكَأَنَّهُ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيْنَ أَبُوكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «حَيْثُمَا مَرَرْتَ بِقَبْرِ مُشْرِكٍ فَبَشِّرْهُ بِالنَّارِ» قَالَ: فَأَسْلَمَ الْأَعْرَابِيُّ بَعْدُ، وَقَالَ: لَقَدْ كَلَّفَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَعَبًا، مَا مَرَرْتُ بِقَبْرِ كَافِرٍ إِلَّا بَشَّرْتُهُ بِالنَّارِ " سنن ابن ماجه (1/ 501) (1573) ومسند أحمد ط الرسالة (19/ 229) ومصنف عبد الرزاق 211 (8/ 442) 20595 - 19687 - صحيح

وعَنْ سَلَمَةَ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ، قَالَ: انْطَلَقْتُ أَنَا وَأَخِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أُمَّنَا مُلَيْكَةَ كَانَتْ تَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتَفْعَلُ، وَتَفْعَلُ هَلَكَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَهَلْ ذَلِكَ نَافِعُهَا شَيْئًا؟ قَالَ: " لَا " مسند أحمد ط الرسالة (25/ 268)(15923 )صحيح

والأحاديث في هذا الباب كثيرة، نكتفي منها بهذا القدر.

وأما الإجماع: فقد نقل غير واحد من العلماء إجماع الأمة على أن المشرك يخلد في النار.

وأما أقوال السلف في ذلك: فهي كثيرة، منها:

أ- قال الإمام أحمد بن حنبل: (ويخرج الرجل من الإيمان إلى الإسلام، ولا يخرجه من الإسلام شيء إلا الشرك بالله العظيم، أو يرد فريضة من فرائض الله عز وجل جاحداً بها ... ) (ابن أبي يعلى: ((طبقات الحنابلة)) (1/ 343).).

ب- قد عقد الإمام البخاري لذلك باباً في صحيحه، فقال: (باب المعاصي من أمر الجاهلية، ولا يكفر صاحبها بارتكابها إلا الشرك) (((الإمام البخاري في صحيحه)) (1/ 48).).

ج- وقال العلامة ابن جرير - رحمه الله - حول قوله تعالى:{وَلَقَدْ أَوْحَى إِلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ رَبَّكَ، وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ مِنَ الرُّسُلِ {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65] يَقُولُ: لَئِنْ أَشْرَكْتَ بِاللَّهِ شَيْئًا يَا مُحَمَّدُ، لَيَبْطُلَنَّ عَمَلُكَ، وَلَا تَنَالُ بِهِ ثَوَابًا، وَلَا تُدْرِكُ جَزَاءً إِلَّا جَزَاءَ مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ، وَهَذَا مِنَ الْمُؤَخَّرِ الَّذِي مَعْنَاهُ التَّقْدِيمُ؛ وَمَعْنَى الْكَلَامِ: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ، وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ، وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ، بِمَعْنَى: وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ مِنَ الرُّسُلِ مِنْ ذَلِكَ، مِثْلَ الَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْهُ، فَاحْذَرْ أَنْ تُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا فَتَهْلَكَ وَمَعْنَى قَوْلِهِ: {وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65] وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْهَالِكِينَ بِالْإِشْرَاكِ بِاللَّهِ إِنْ أَشْرَكْتَ بِهِ شَيْئًا"تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (20/ 244)

د- قال القرطبي: تعليقاً على حديث: ((من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئاً دخل النار)) : إن من مات على الشرك لا يدخل الجنة, ولا يناله من الله رحمة, ويخلد في النار أبد الآباد، من غير انقطاع عذاب، ولا تصرم آماد ( ((المفهم)) للقرطبي (1/ 290).).

هـ- قال النووي: (أما دخول المشرك النار فهو على عمومه، فيدخلها ويخلد فيها، ولا فرق فيه بين الكتابي - اليهودي والنصراني -، وبين عبدة الأوثان وسائر الكفرة، ولا بين من خالف ملة الإسلام, وبين من انتسب إليها ثم حكم بكفره بجحده ما يكفر بجحده غير ذلك) (((شرح مسلم للنووي)) (2/ 97). ).

وويقول شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية: (ومن أعظم الاعتداء والعدوان والذل والهوان أن يدعى غير الله، فإن ذلك من الشرك، والله لا يغفر أن يشرك به، وإن الشرك لظلم عظيم ... ) (ابن تيمية: ((الرد على البكري)) (ص: 95).).

ز- قال ابن كثير: (أخبر - تعالى - أنه لا يغفر أن يشرك به، أي: لا يغفر من لقيه وهو مشرك به، ويغفر ما دون ذلك أي: من الذنوب لمن يشاء من عباده) (((ابن كثير في تفسيره)) (2/ 308).).

ح- قال ابن القيم: (ولما كان الشرك أعظم الدواوين الثلاثة عند الله -عز وجل- حرم الجنة على أهله فلا تدخل الجنة نفس مشركة، وإنما يدخلها أهل التوحيد ... ) ( ابن القيم: ((الوابل الصيب)) (ص: 18).). والشرك في القديم والحديث لأبي بكر محمد زكريا- 1/ 160 

هذا وقد اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الاِسْتِغْفَارَ لِلْكَافِرِ مَحْظُورٌ، بَل بَالَغَ بَعْضُهُمْ فَقَال: إِنَّ الاِسْتِغْفَارَ لِلْكَافِرِ يَقْتَضِي كُفْرَ مَنْ فَعَلَهُ، لأِنَّ فِيهِ تَكْذِيبًا لِلنُّصُوصِ الْوَارِدَةِ الَّتِي تَدُل عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ، وَأَنَّ مَنْ مَاتَ عَلَى كُفْرِهِ فَهُوَ مِنْ أَهْل النَّارِ.

وَأَمَّا مَنِ اسْتَغْفَرَ لِلْكَافِرِ الْحَيِّ رَجَاءَ أَنْ يُؤْمِنَ فَيُغْفَرَ لَهُ، فَقَدْ صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِإِجَازَةِ ذَلِكَ، وَجَوَّزَ الْحَنَابِلَةُ الدُّعَاءَ بِالْهِدَايَةِ، وَلاَ يُسْتَبْعَدُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِمْ، كَذَلِكَ اسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ جَوَازَ الدُّعَاءِ لأِطْفَال الْكُفَّارِ بِالْمَغْفِرَةِ، لأَِنَّ هَذَا مِنْ أَحْكَامِ الآْخِرَةِ . ابن عابدين 1/ 351، وفتح القدير 1/ 467، وأصول السرخسي 2/ 135، والنسفي 2/ 148 ط الحلبي، والألوسي 10/ 148، 11/ 34، 38 ط المنيرية، والفروق 4/ 260 ط دار إحياء الكتب العربية، ونهاية المحتاج وحاشية الشبراملسي عليها 2/ 484 ط الحلبي، والمجموع 5/ 144، والمغني مع الشرح الكبير 2/ 357، والفروع 1/ 699، وفتاوى ابن تيمية 1/ 146، 147، وفتح الباري 3/ 177 ط البهية، واقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية 445 ط دار المجد، والآداب الشرعية 1/ 416. الموسوعة الفقهية الكويتية - وزارة الأوقاف الكويتية (4/ 43) https://mqalaty.net/

3= لا يجزم لأحد بالجنة إلا ما ورد النص عليه وإنما يقال نرجوا له الجنة ،فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ خَيْبَرَ، فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلاَ فِضَّةً، إِلَّا الأَمْوَالَ وَالثِّيَابَ وَالمَتَاعَ، فَأَهْدَى رَجُلٌ مِنْ بَنِي الضُّبَيْبِ، يُقَالُ لَهُ رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ، لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غُلاَمًا، يُقَالُ لَهُ مِدْعَمٌ، فَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى وَادِي القُرَى، حَتَّى إِذَا كَانَ بِوَادِي القُرَى، بَيْنَمَا مِدْعَمٌ يَحُطُّ رَحْلًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، إِذَا سَهْمٌ عَائِرٌ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا لَهُ الجَنَّةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «كَلَّا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَخَذَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ المَغَانِمِ، لَمْ تُصِبْهَا المَقَاسِمُ، لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا» فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ النَّاسُ جَاءَ رَجُلٌ بِشِرَاكٍ - أَوْ شِرَاكَيْنِ - إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: " شِرَاكٌ مِنْ نَارٍ - أَوْ: شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ - " صحيح البخاري (8/ 143) (6707)

 وعَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّ أُمَّ العَلاَءِ، امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِمْ، بَايَعَتِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ طَارَ لَهُمْ فِي السُّكْنَى، حِينَ اقْتَرَعَتِ الأَنْصَارُ عَلَى سُكْنَى المُهَاجِرِينَ، قَالَتْ أُمُّ العَلاَءِ: فَاشْتَكَى عُثْمَانُ عِنْدَنَا فَمَرَّضْتُهُ حَتَّى تُوُفِّيَ، وَجَعَلْنَاهُ فِي أَثْوَابِهِ، فَدَخَلَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقُلْتُ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ، شَهَادَتِي عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ أَكْرَمَهُ»، قَالَتْ: قُلْتُ: لاَ أَدْرِي، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَنْ؟ قَالَ: «أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ وَاللَّهِ اليَقِينُ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو لَهُ الخَيْرَ، وَمَا أَدْرِي وَاللَّهِ وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَا يُفْعَلُ بِي»، قَالَتْ: فَوَاللَّهِ لاَ أُزَكِّي أَحَدًا بَعْدَهُ، قَالَتْ: فَأَحْزَنَنِي ذَلِكَ، فَنِمْتُ، وفَرِيتُ لِعُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ عَيْنًا تَجْرِي، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: «ذَلِكِ عَمَلُهُ» ) صحيح البخاري (5/ 67) 

4=هل يجوز الترحم على المشرك بعد مماته أي بقولنا رحمه الله؟

إذا ثبت أن شخصا ما مشرك أو يهودي أو نصراني أو غيرهم من ملل الكفر، وأنه مات على شركه وكفره من غير توبة فإنه لايجوز الترحم عليه ولاالدعاء له بعد موته ، لأن الله تعالى قد قضى عليه بالخلود في النار، والدعاء له بالرحمة طلب لتغيير قضاء الله المبرم الذي لا يغير ولا يبدل بالدعاء، وقد قال تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ } [التوبة: 113]. 

ولقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث : « وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَسْمَعُ بِى أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِىٌّ وَلاَ نَصْرَانِىٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِى أُرْسِلْتُ بِهِ إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ».صحيح مسلم (403 )

وهذا غير الدعاء للكافرين بالهداية حال حياتهم رغبةً في إسلامهم، فإن ذلك جائز ، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم لدوس وكانوا كفاراً فقال: "اللهم اهد دوساً وائت بهم" متفق عليه. والله أعلم. 

https://www.islamweb.net/ar/fatwa/6373/حكم الترحم على موتى الكفار والاستغفار لهم

إن الترحم على الكافر والصلاة عليه من المحرمات المجمع عليها، ومن الاعتداء في الدعاء: لقوله تعالى: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ {التوبة:113}.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في مجموع الفتاوى: وقد قال تعالى: { ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِين} [الأعراف: 55] ـ في الدعاء، ومن الاعتداء في الدعاء: أن يسأل العبد ما لم يكن الرب ليفعله، مثل: أن يسأله منازل الأنبياء وليس منهم، أو المغفرة للمشركين، ونحو ذلك. انتهى.

وهذه المسألة خطيرة؛ لكونها مخالفة للإجماع، وذكر فيها بعض أهل العلم أكثر من وجه لتكفير فاعلها، قال القرافي: " اعْلَمْ أَنَّ الدُّعَاءَ الَّذِي هُوَ الطَّلَبُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ حُكْمٌ بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ طَلَبٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ النَّدْبُ لِاشْتِمَالِ ذَاتِهِ عَلَى خُضُوعِ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ وَإِظْهَارِ ذِلَّتِهِ وَافْتِقَارِهِ إلَى مَوْلَاهُ فَهَذَا وَنَحْوُهُ مَأْمُورٌ بِهِ ، وَقَدْ يَعْرِضُ لَهُ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِهِ مَا يُوجِبُهُ أَوْ يُحَرِّمُهُ وَالتَّحْرِيمُ قَدْ يَنْتَهِي لِلْكُفْرِ ، وَقَدْ لَا يَنْتَهِي فَاَلَّذِي يَنْتَهِي لِلْكُفْرِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ : 

( الْقِسْمُ الْأَوَّلُ ) أَنْ يَطْلُبَ الدَّاعِي نَفْيَ مَا دَلَّ السَّمْعُ الْقَاطِعُ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى ثُبُوتِهِ وَلَهُ أَمْثِلَةٌ : 

( الْأَوَّلُ ) أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ لَا تُعَذِّبْ مَنْ كَفَرَ بِك أَوْ اغْفِرْ لَهُ ، وَقَدْ دَلَّتْ الْقَوَاطِعُ السَّمْعِيَّةُ عَلَى تَعْذِيبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِمَّنْ مَاتَ كَافِرًا بِاَللَّهِ تَعَالَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى { إنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ } وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ النُّصُوصِ فَيَكُونُ ذَلِكَ كُفْرًا ؛ لِأَنَّهُ طَلَبٌ لِتَكْذِيبِ اللَّهِ تَعَالَى فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ وَطَلَبُ ذَلِكَ كُفْرٌ فَهَذَا الدُّعَاءُ كُفْرٌ .

( الثَّانِي ) أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ لَا تُخَلِّدْ فُلَانًا الْكَافِرَ فِي النَّارِ ، وَقَدْ دَلَّتْ النُّصُوصُ الْقَاطِعَةُ عَلَى تَخْلِيدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْكُفَّارِ فِي النَّارِ فَيَكُونُ الدَّاعِي طَالِبًا لِتَكْذِيبِ خَبَرِ اللَّهِ تَعَالَى فَيَكُونُ دُعَاؤُهُ كُفْرٌ . اهـ.....أنوار البروق في أنواع الفروق (8/ 455)

https://www.islamweb.net/ar/fatwa/367783

وبيّن الشيخ الشعراوي رحمه الله أنّه لا يجوز الترحم على غير المسلم بعد موته، ولا يقتصر الأمر على الكافرين، بل وكذلك من كان على الديانة المسيحية أو كان مشركًا أو نصرانيًا أو يهوديًا، ونستعرض لكم جملة من أقوال الشعراوي -رحمه الله- في بيان حكم الدعاء بالرحمة والمغفرة على غير المسلمين فيما يأتي:

 “لا يجوز الترحم على غير المسلم بعد موته، وأي شخص مشرك أو يهودي أو نصراني أو مات وهو كافر فلا يجوز الترحم على أموات الكفار غير المسلمين أو الصلاة عليهم أو حتى الاستغفار.

“لا يجوز للمسلم الدعاء لغير المسلم بعد وفاته بالرحمة لشخص ملحد كافر متبع لغير دين الإسلام”.

“لأن جزائه دخول النار، وعندما ندعو له بالرحمة نكون قد طلبنا تغيير لقضاء الله الذي لا يتغير. كما انه من المحرم الدعاء بالرحمة والمغفرة للكفار”.

https://almrj3.com/is-it-permissible-to-have-mercy-on-a-non-muslim-al-shaarawy/

هل يجوز الترحم على المسيحي

الترحم على المسيحي لا يجوز، وعلى كل كافر بالديّن الإسلامي سواء من النصارى أو اليهود؛ وذلك بدليل قوله تعالى: “مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ”[سورة التوبة , الآية 113]، والاستغفار في الآية بمعنى الدعاء لهم، كما ورد في حديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قَالَ :« وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَسْمَعُ بِى أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِىٌّ وَلاَ نَصْرَانِىٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِى أُرْسِلْتُ بِهِ إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ».صحيح مسلم (403 ) https://mhtwyat.co

وهناك من البشر من هو عنصر خير، ولو كان من غير المسلمين، لدرجة أنه في المعاملة يكاد يكون أحسن من المسلمين أحياناً، ومثل هذا تحب أن تحسن إليه في حياته وبعد مماته، وإذا ذكرت إحسانه بعد مماته، تندفع لا شعورياً لتقول: الله يرحم فلان أو الله يجزيه الخير، فهل يا ترى يجوز أن نقول هذا في حق غير المسلم؟

 الجواب :

 يقول العلماء: المسلم وغير المسلم من خلق الله تعالى، لكن الله تعالى أمر خلقه بطاعته، ودعا عباده لعبادته فقال: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } [الذاريات: 56].

من أجل ذلك قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَنْ يَابَى؟ قَالَ: «مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى» صحيح البخاري (9/ 92) (7280)

- إذن لا يقال: بأن فلاناً يهودي، وفلاناً نصراني، وفلاناً بوذي، ولكن يقال: فلان مطيع لربه وفلان عاص لربه، ولا يمكن لأي مخلوق أن يدَّعي بأنه مطيع لربه، طالما أنه يشرك برب العالمين، أو يكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم .

- فمما يجب أن نؤمن به حقاً ونموت عليه، هو أن دين الإسلام اليوم هو دين الحق وللناس كافة، { وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } [آل عمران: 85] وهذا ليس عصبية منا نحن العلماء، لكن سنة الله تعالى في خلقه، لأن الأديان السابقة كانت مؤقتة، وأما دين الإسلام فهو دين أبدي، إذ لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم، ولا كتاب بعد القرآن الكريم .

- نعم . . لم يجبرك الله تعالى أن تتبع الإسلام وقال: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البقرة: 256]، لكنه حملك المسؤولية إذا لم يقبل الله تعالى منك الدين الذي تتبعه بناء على هواك .

- لذلك فإن غير المسلم إذا عمل خيراً في الدنيا، فلا يقال بأنه عمل عملاً صالحاً، بل عمل عملاً نافعاً، والنافع حده الدنيا، حيث نثني على فاعله، ولكنه في الآخرة لا يجزى على عمله النافع، لأنه لم يكن صالحاً، أي لم يكن موافقاً لأمر الله تعالى أو لم يصدر بنية تجعل ذلك العمل خالصاً لوجهه، فالله تعالى لا يقبل عمل المشرك به، ولا يقبل عمل الكافر به، لأنه يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض .

- من هنا قال العلماء: لا يجوز أن نترحم على غير المسلم بعد موته، أو ندعو له بالغفران، لأن الله تعالى يقول: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ } [التوبة: 113] .

- وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم استأذن ربه أن يستغفر لأمه، فلم يأذن له ربه، مع أنها ماتت في الجاهلية ولم تدرك الإسلام، لكنها ماتت على دين قومها ... .

- وغير المسلمين رغم أنهم لا يجوز الترحم عليهم، فإنه لا يجوز سبهم ولعنهم لا في حياتهم ولا بعد مماتهم، لأنهم كما ورد في الحديث قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «لا تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّمُوا» ..(بخاري: 1393) 

https://www.alkhaleej.ae/

5= شبهات حول الترحم على من مات كافراً 

لقد رأيت بعض المسلمين إذا مات أحد مشاهير الكفار من أهل الفن أو الاختراع أو الكرة أو غيرها ، رأيت مَن يترحم عليه ويستغفر له!

وإذا قيل له: هذا كافر، وموتى الكفار لا يجوز الاستغفار لهم ولا الترحم عليهم، بدأ يستدل بآيات من القرآن على فعله، فيذكر قوله تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} وهو لا يدري أن تكملة الآية: {فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ(156) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ(157)}الأعراف.

وآخر يقول معترضا على من ينهى عن الترحم عليهم: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَة ربك }؟!

لا وليس لأحد ذلك، بل هم يخبِرون بحكم ربك، الذي تجهله وتجادل فيه بلا علم.

في عجائب أخرى وخوض بلا علم ومجادلة بالباطل، مع أن هذه المسألة من المسائل الظاهرة البينة في دين الإسلام، والآيات الدالة على أن الكفار في النار ولا تنفعهم أعمالهم ولا الدعاء لهم ولا الاستغفار لهم...= كثيرة جدا يصعب حصرها، وكذا نصوص السنة الصحيحة.

ومن المعلوم من الدين بالضرورة أن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم إلى الخلق كافة، قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} (28) سبأ، وقال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} (1) الفرقان، وقال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} (158) الأعراف.

وعن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قَالَ:" أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِي المَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً "الأحاديث التي اتفق عليها البخاري ومسلم (ص: 87)335 - 167 -أخرجه مسلم في أول كتاب المساجد ومواضع الصلاة رقم 521  

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ» صحيح مسلم (153) 

فكل من لم يدخل دين الإسلام الذي بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم= فهو كافر، قال الله تعالى:{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} (19) آل عمران، وقال الله تعالى:{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (85) آل عمران.وقال الله تعالى:{وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا} (13) الفتح.

وهذه بعض النصوص الدالة على أن حكم أن الكفار في النار خالدين فيها، وأن الجنة عليهم حرام؛ وأنه تعالى لعنهم، ولن يغفر لهم، ونهيه تعالى عن الاستغفار لهم، وبيان أنهم شر المخلوقات.

قال الله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ(162)} البقرة.

وقال الله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} (6) البينة.

وقال الله تعالى:{وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} (68) التوبة

وقال الله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ}(91) آل عمران.

وقال الله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (36) المائدة.

وقال الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} (48) و(116) النساء

وقال الله تعالى:{إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} (55) الأنفال.

وقال الله تعالى:{فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} (24) البقرة.

وقال الله تعالى:{وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا} (37)و(151) النساء

وقال الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا} (102) النساء

وقال الله تعالى:{إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا} (102)

وقال الله تعالى:{إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا} (4) الإنسان.

وقال الله تعالى:{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} (12) آل عمران.

وقال الله تعالى:{لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} (197) آل عمران.

وقال الله تعالى:{وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} (49) التوبة.

وقال الله تعالى:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ} (36) فاطر.

وقال الله تعالى:{وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (6) الملك

وقال الله تعالى:{فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} (48) المدثر.

وقد بيَّن الله تعالى أن الشرك محبط للعمل:

وقال الله تعالى:{وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (65) الزمر.

وقال تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} (23) الفرقان.

وعَنْ عَائِشَةَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، ابْنُ جُدْعَانَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَصِلُ الرَّحِمَ، وَيُطْعِمُ الْمِسْكِينَ، فَهَلْ ذَاكَ نَافِعُهُ؟ قَالَ:"لَا يَنْفَعُهُ، إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا: رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ " صحيح مسلم (214) 

وعَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أَبِي كَانَ يَصِلُ الرَّحِمَ وَيَفْعَلُ وَيَفْعَلُ وَإِنَّهُ مَاتَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " إِنَّ أَبَاكَ أَرَادَ أَمْرًا فَأَدْرَكَهُ " يَعْنِي الذِّكْرَ...السنن الكبرى للبيهقي (7/ 455) (14623) حسن

وقال الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 11/ 157: وإذا كانت الأعمال في الإسلام لا تنفع عامليها إلا بنيتهم بها اللهَ عز وجل، فيكونون بها مريدين له، وقاصدين إليه، فيُثيبهم عليها ما يثيبهم عليها، وإذا عملوها لما سوى ذلك من أمور دنياهم، لم يكونوا كذلك، ولم يكن لهم من ذلك من شيء، كان ما عملوه في الجاهلية من الخير الذي ليس معهم من الإسلام ولا النيات التي يريدون بأعمالهم فيها الله عز وجل، أحرى أن لا يثابوا عليها، وأن لا يُؤتوا بها إلا ما قصدوا بها إليه في دنياهم من أسباب دنياهم."

وعَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا سَأَلَتْهُ عَنْ قَوْلِهِ: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ، وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} فَأَيْنَ يَكُونُ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ؟،فقَالَ: «عَلَى الصِّرَاطِ»،قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنُ جُدْعَانَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَصِلُ الرَّحِمَ، وَيُطْعِمُ الْمِسْكِينَ، فَهَلْ ذَاكَ نَافِعُهُ؟،قَالَ: «لَا يَنْفَعُهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا: رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ». تهذيب صحيح ابن حبان (1 - 3) علي بن نايف الشحود (1/ 126)(331 ) (صحيح)

وإنما يجزون بأعمالهم الحسنة في الدنيا،

فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ مُؤْمِنًا حَسَنَةً، يُعْطَى بِهَا فِي الدُّنْيَا وَيُجْزَى بِهَا فِي الْآخِرَةِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُطْعَمُ بِحَسَنَاتِ مَا عَمِلَ بِهَا لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى إِذَا أَفْضَى إِلَى الْآخِرَةِ، لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ يُجْزَى بِهَا» صحيح مسلم(2808)

ونهى الله تعالى عباده عن الاستغفار للكفار:

قال الله تعالى:{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} (113) التوبة.

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لِأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي، وَاسْتَأْذَنْتُهُ أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي»صحيح مسلم(976)  

فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم أكرم الخلق على الله، منعه ربه من الاستغفار لأمه مع أنها ماتت قبل بعثته.

فلا يمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الاستغفار لأمه، ويؤذن لآحاد المسلمين أن يستغفروا لمن جاء بعد بعثته.

وقد حكم الله بأن الجنة حرام على الكفار:

قال الله تعالى:{إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} (72) المائدة.

وعن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ، أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ صَحَابَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -،فَقَالُوا: فُلَانٌ شَهِيدٌ، فُلَانٌ شَهِيدٌ، حَتَّى مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ، فَقَالُوا: فُلَانٌ شَهِيدٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «كَلَّا، إِنِّي رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ فِي بُرْدَةٍ غَلَّهَا - أَوْ عَبَاءَةٍ -"ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، اذْهَبْ فَنَادِ فِي النَّاسِ، أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ»،قَالَ: فَخَرَجْتُ فَنَادَيْتُ: أَلَا إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ " صحيح مسلم (114)

وعَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَأَسْنَدَ ظَهْرَهُ إِلَى قُبَّةِ أَدَمٍ، فَقَالَ: «أَلَا لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، اللهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ؟ اللهُمَّ اشْهَدْ ..."تهذيب صحيح مسلم- علي بن نايف الشحود (ص: 106)(221) 

وقد ذكر جمع من فقهاء المذاهب الأربعة تحريم الدعاء للكافر الميت، انظر مثلا:

المحيط البرهاني 2/184 في فقه الحنفية، والبيان والتحصيل 2/211 في فقه المالكية، والبيان 3/25 في فقه الشافعية، وشرح المنتهى 2/160 في فقه الحنابلة، ونقل بعضهم الإجماع على ذلك، منهم الإمام ابن تيمية، قال: "الاستغفار للكفار لا يجوز بالكتاب والسنة والإجماع". مجموع الفتاوى 12/489.

وفيما ذكر من نصوص الكتاب والسنة وكلام أهل العلم= كفاية لمريد الحق، ومن أصر على الاعتراض بعناد وجهل؛ فلا حيلة فيه،

ومن البليةِ عذلُ مَن لا يَرْعوى ** عن جهله وخطابُ مَن لا يفهمُ

http://www.saaid.net/Doat/sudies/72.htm عبد الرحمن بن صالح السديس

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بيان شجب واستنكار حول ما فعله بعض مشايخ حمص في الإفطار الجماعي ومدح الطاغية الأسد

مقدمة الطبعة الثانية لكتابي " المفصل في السيرة النبوية "